رفاعة – حالة من القلق وتدهور الأوضاع المريع، تعيشها ولاية الجزيرة والمحليات والقرى فيها، بعد أن كانت آمنة وملاذ للفارين من الحرب في الخرطوم وغيرها، أصبحت سوح للمعارك وترويع وقتل المدنيين وتدمير الأعيان المدنية، كأنها تضمي على خطى الخرطوم.
حيث قال مواطنون من ولاية الجزيرة لـ(سودانس بوست) أن ولاية الجزيرة تعيش أوضاعًا أمنية وإنسانية صعبة في أعقاب هجوم قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني من جهة الشرق، وتتضارب المعلومات حول حقيقة الوضع العسكري داخل المدينة، بعد استئناف المعارك العنيفة واشتدادها منذ الساعات الأولى من صباح أمس الاثنين 18 ديسمبر.
ونشرت قوات الدعم السريع عددًا من مقاطع الفيديو المصورة، وقالت بأنها استولت على مقر اللواء الأول مشاه في حنتوب وعلى المدخل الشرقي لجسر حنتوب، كما نفت مصادر في القوات المسلحة السودانية هذه المعلومات وأكدت أنها قامت بإخلاء هذه المواقع في إطار إعادة تمركز قواتها للدفاع بشكل أفضل عن عاصمة ولاية الجزيرة.
وأكد مصادر مطلعة لـ(سودانس بوست) استباحة الدعم السريع لحنتوب وفرض سيطرتها على المدخل الشرقي للجسر، كما أكدت اقتحام قوات الدعم السريع لمنطقة رفاعة واستباحتها وعمل ارتكازات فيها مع أنباء متضاربة حول انسحاب القوة الكبيرة التي هاجمت المنطقة.
وفي آخر بيان للقوات المسلحة يوم الأحد ١٧ ديسمبر الجاري، قالت فيه “قامت مليشيا آل دقلو الإرهابية بإستهداف قرى أبوقوته وشرق الجزيرة ومحاولة إستهداف مدينة مدني وهي مناطق ليس بها أي أهداف عسكرية مما يؤكد أنها تشن هذه الحرب على المواطن السوداني”.
واتهمت القوات المسلحة السودانية قوات الدعم السريع بتجنيد مجرمين ومرتزقة بحد وصف البيان، حيث جاء فيه “مليشيا آل دقلو الإرهابية ضمت بين صفوفها وجندت جميع أصناف المجرمين والمرتزقة الذين أطلقت لهم العنان لممارسة السلب والنهب للممتلكات العامة والخاصة”.
كما حث بيان القوات المسلحة المواطنين بولاية الجزيرة بعدم مغادرة منازلهم وعدم الإلتفات لما وصفه البيان بالشائعات والأقلام المأجورة التي تدعو لإثارة الهلع بين الناس، وأشار البيان لإستقرار الأوضاع الأمنية البولاية، في وقت أكدت فيه مصادر مطلعة يوم الأحد الماضي استمرار الاشتباكات في ظل فرار آلاف المدنيين في منازلهم إلى المجهول بحثًا عن الأمان.
وأشار البيان بحد وصفه إلى أن “مليشيا آل دقلو الإرهابية تقوم بمهاجمة القرى التي ليس بها أهدافا عسكرية لنهب ممتلكات مواطنيها” بينما لم يصدر الجيش بيانًا آخرًا حول تدهور الأوضاع بولاية الجزيرة وتوغل قوات الدعم السريع بها.
وكشف مصدر آخر من الخرطوم عن تقدم قوة تابعة لـ”مليشيا قوات الدعم السريع” بحد وصفه تتشكل من حوالي أكثر من 170 سيارة (لاندكروزر) قتالية عبرت من مناطق متاخمة لشرق النيل متجهة نحو الجنوب.
وبحسب ناشطين ومواطنين من سنار قالوا “تسببت المعارك في ولاية الجزيرة إلى مضاعفة تدفق الفارين من محليات وقرى الولاية، خاصة مدينة ود مدني، مبينين أن الاتجاه الوحيد المتاح للخروج منها نحو سنار، في وقت تنعدم فيه وسائل الحركة”.
وأضافوا بقولهم “الناس بيمشو على الأرجل مسافات طويلة دون هدف أو وجهة، فقط يحاولون الفرار بأنفسهم دون تفكير أو تخطيط مسبق، بينما يجد البعض أي وسيلة كانت – كاروا – سيارة نقل، شاحنة، جرار- لتقله إلى جهة ما، مبينين نزوحًا جماعيًا للسكان والنازحين من الخرطوم بأعداد ضخمة”.
وقالت مصادر أخرى أمس من الجزيرة أن أعدادًا كبيرة من المواطنيين متجهين نحو مناطق غرب الجزيرة و ولاية سنار كنتيجة لاشتداد المعارك بين طرفي النزاع، مشيرين إلى مواصلة الطيران الحربي قصف ارتكازات قوات الدعم السريع بصورة مكثفة.
وقال المواطن السوداني (س، ا، أ) من مدني أن قوات الدعم السريع عبرت بالمراكب من الناحية الشرقية لمدينة ود مدني بعد أن أغلق الجيش جسر حنتوب قبل اقتحام الأولى للجسر والتوغل لداخل المدينة.
وبينت مصادر مطلعة هروب قوات الشرطة، إلى جانب هروب أفراد الجيش – بعضهم بأسلحتهم – من ساحة المعركة، وبينت المصادر أن دخول الدعم السريع لمدني تم من دون مقاومة من قبل قوات الجيش، الأمر الذي يرجح فرضية انسحاب القوات، وراجت أنباء غير دقيقة حول زيارة البرهان لمدني خلال الأيام الماضية وعقب تقدم الدعم السريع نحو الجزيرة.
على صعيد متصل، أدان محامو الطوارئ هجوم قوات الدعم السريع على مدينة رفاعة صبيحة الاثنين 18 ديسمبر، واتهم بيان لهم القوة المهاجمة باقتحام المستشفى وترويع المدنيين وإطلاق النار داخل المستشفى مما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة آخرين وتكسير المستشفى وترويع الكادر الطبي العامل.
وذكر البيان أن القوة هاجمت السوق وقسم الشرطة وأصيب العديد من المدنيين بالرغم من عدم وجود أي تشكيلات عسكرية أو قوات مسلحة في رفاعة.
وحذر محامو الطوارئ قوات الدعم السريع من أن هذا السلوك مخالف لقواعد القانون الدولي الإنساني ومعاهدات جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين وأن المستشفيات ومساكن المدنيين هي من الأعيان المدنية المشمولة بالحماية وأي اعتداء ممنهج عليها يعتبر من جرائم الحرب التي تجعل مرتكبيها عرضة للمثول امام المحكمة الجنائية الدولية.
وفي تعميم صحفي للقوات المسلحة السودانية، مساء اليوم، أكدت فيه إنسحاب قواتها من رئاسة الفرقة الأولى مشاه بمدني يوم أمس الإثنين ١٨ ديسمبر الجاري، وأشار التعميم إلى تحقيق يجري في الأسباب والملابسات التي أدت لإنسحاب القوات، إلى جانب الإشارة لرفع نتائج التحقيق لجهات الإختصاص ومن ثم تمليك الحقائق للرأي العام.