كتب – محمد آدم بركة – تشهد ساحة المعارك في أم درمان تقدمًا مستمرًا للجيش السوداني، حيث أفاد مصدر عسكرية مطلعة بأن الجيش فرض حصارًا على مباني الإذاعة والتلفزيون ولا يزال.
وقال مصدر عسكري رفيع المستوى لـ(سودانس بوست) أن تقدم الجيش شمالي أم درمان مستمر نحو التقاء المحاور جنوبًا، مبينًا في ذات الوقت أن المساحة الفاصلة بين قوات الجيش والمليشيا المتمردة – بحد وصفه – باتت قريبة جدًا.
وتابع المصدر بقوله “التقاء المحاور والنصر بات وشيكًا، ولا تراجع من النصر على التمرد الا بتكبدهم العزيمة والخسائر أو الاستسلام، والقوات المسلحة قادرة على الحسم ولكنها ظلت تعمل بتكتيك عصي على الخونة وأعداء الوطن فهمه”.
وظل الجيش السوداني منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023م يتقدم ويتراجع دون التمركز في أماكن تقدمه بفرض السيطرة على البقاع التي تقدم فيها، إلى جانب انسحابات كثيرة شملت الفرق والقواعد العسكرية في بعض العاصمة والولايات خاصة إقليم دارفور.
وشكلت انسحابات قوات الجيش احباطًا واسعًا في نفوس المواطنين، خاصة في المناطق المأهولة بالسكان، بينما يواجه الجيش اتهمات التخاذل من بعض فئات في المجتمع، وطالت الاتهامات ضباطًا كبارًا في صفوف القيادة العليا بالخيانة (طابور الخامس).
في حديث خاص لـ(سودانس بوست) قال الخبير العسكري عمر أرباب: من الواضح أن الجيش الآن يتحرك بصورة أفضل من ذي قبل وأصبح الآن ينتشر ويتمركز، بديلا عن عملية التمشيط ثم العودة إلى القواعد.
وكشف أرباب: الواضح أيضاً أن المسافه الآن التي تفصل بين قوات وادي سيدنا وقوات المهندسين قد أصبحت قريبة وتقدر بحوالي ٢ كلم وفق الأنباء، الحصار ما زال على الإذاعة، هناك حديث أيضاً عن مفاوضات في هذه المنطقة.
وكشفت نقابة الصحفيين السودانيين عن تلقيها معلومات تشير إلى اقتراب القتال بين الجيش والدعم السريع من مباني الإذاعة والتلفزيون، مبينة استخدام مباني الإذاعة والتلفزيون كمعتقلات من قِبل الدعم السريع، الأمر الذي يزيد خطورة تدمير وإتلاف أرشيف يقترب عمره من الـ 100 عام.
ودعت النقابة )اليونسكو( والمنظمات العاملة في مجال حفظ التراث لإنقاذ الإرث بهيئة الإذاعة والتلفزيون وحمايته من الضياع.
وحول تحركات الجيش في محاور أخرى غير أم درمان، قال عمر أرباب: التحركات للجيش في منطقتي السامراب والدروشاب، ولكن دون التمركز في المناطق التي يتحرك فيها باعتبار المرحلة مرحلة تمشيطـ إلى جانب تحرك الجيش في الشجرة وجبرة والكلاكلات، مشيرًا إلى أن هذه المواقع الثلاث ما زال الجيش يسيطر فيها.
وحول ما رشح عن تذمر ضباط في صفوف الجيش بأم درمان خلال الأيام الماضية، قطع أرباب بوجود حالة من التذمر والغضب داخل القيادات الميدانية، من تصرفات القيادة، مشيرًا إلى أن زيارة البرهان الأخيرة لأم درمان كانت محاوله لامتصاص الغضب، بعد أن وصلت الأمور إلى مرحلة التحركات المضادة.
ويرى الخبير العسكري بقوله: بالرغم من هذا التقدم أنا لا أعتقد عملية الحسم الشامل العسكري الآن من الخيارات الموجودة، سواء كان على المستوى القريب أو المتوسط، وربما على المستوى البعيد، ولكن الأوضاع الإنسانية و معاناة الشعب السوداني تتفاقم يوماً بعد يوم.
وتابع: خصوصاً أن المعركة الآن وصلت مناطق ووسائل جديدة مثل عملية قطع شبكات الإنترنت، ربما تتطور هذه العملية إلى قطع الكهرباء والمياه وهي أشياء لا تحتمل في ظل هذه الظروف.
مبينًا باعتقاده قائلا: أعتقد أن المليشيا بمثل هكذا إجراءات تسعى إلى إرغام الجيش على الجلوس للتفاوض بأعجل ما يمكن، وأعتقد أيضًا أن القيادة العسكرية تعلم جيداً أن التفاوض هو المصير الحتمي لهذه المواجهات ولكنها تريد أن تجلس إلى التفاوض في وضع ميداني أفضل من هذا.
ويصف الخبير العسكري مجريات الأحداث بـ(التلكؤ) من قبل القيادة العسكرية للجيش، ويقول أن الغرض منه تحسين الموقف الميداني والسيطرة، مشيرًا إلى أن الذي يحكم التفاوض هو الوضع الميداني على الأرض.