تقرير – بدأ عشرات النازحين في حركة نزوح قسري جديدة من ولايتي كسلا والقضارف بعد إصدار الجهات أوامر بإخلاء مناطق فيها، بالتزامن مع إعلان وزارة التربية في موعد امتحانات الشهادة السودانية 28 ديسمبر 2024.
وبعد صدور هذا الأمر، اضطر منهم إلى بالعودة لمسقط رأسهم ولاية سنار، في وقت يعاني النازحون من عدم وجود وسائل النقل التي يحتاجون إليها بسبب عدم توفر تكاليف السفر المالية بشكل كاف، ما اضطر البعض منهم إطلاق صوت لأصحاب حملات الرحلات الطوعية في النظر لأحوال ونقلهم إلى ولاية سنار.
من دار إلى دار
في غضون ذلك، تقول النازحة من ولاية سنار إلى القضارف في مقابلة لـ«سودانس بوست» مع (هـ.م) أن مع اقتراب موعد امتحانات الشهادة السودانية، طالبهم المسؤولين بدور إيواء القضارف بالعودة إلى ولاية سنار، ووصفتها “بالعودة الجبرية”، وأبدت عدم استعدادها للرجوع، لأنها لا تملك ما يسندها للرحيل.
وشكت قائلة إن هذا القرار جاء في وقت وظروف معيشية قاسية وأوضاع مادية حرجة، إذ جعلت حالتها لا تسمح لها بالرحيل من دار الإيواء وأن الأمر شبه مستحيل، رغم المعاناة التي تعانيها في المأوى.
وتابعت: نحن غير مهيئين للرجوع، وفي ذات الوقت رغم أننا نعاني في دور الإيواء من نقص الغذاء وعدم وجود مصدر دخل.
وتعتقد أن تحرير سنار لا يعني لها الأمن والأمان والاستقرار، فالولاية ما زالت مهددة، وحيث كانت تعيش في بيت استئجار ومع امتداد الصراع إلى الولاية حالها كغيرها فقدت وظيفتها، وختمت حديثها، “إن عدت إلى سنار ستكون حياتي من دار إلى دار، انا لا تستطيع توفير إيجار منزل مرة آخرى”.
حبر على ورق
ولم تذهب بعيدًا النازحة نهى يوسف من سنجة عاصمة ولاية سنار عن ما قالته سابقتها، ومضت قائلة: “ليست المرة الأولى التي يتم فيها اخطار النازحين بإخلاء بدور الإيواء، وهذه المرة يعتزم المسؤولين بدور الإيواء على عودة النازحين إلى سنار”، واستطردت لـ«سودانس بوست» فقدنا كل ما نملك ومنازلنا أصبحت “طوب” دون أثاث، قوات الدعم نهبت وسرقت وقتلت، لم تترك لنا بصيص أمل للعودة، تابعت بسؤال: كيف لنا بالعودة وحكومة الولاية نفسها غير جاهزة لعودتنا؟.
وأضافت: لا نملك سوى مبلغ بسيط تم توزيعه من قبل الصليب الأحمر (280) ألف جنيه لكل أسرة، من أجل العودة ولكن ماذا عن الأسر الكبيرة، المبلغ قليل وليس هناك جهة أخرى أو منظمة تقف خلفنا من أجل ترحيلنا إلى سنار. وأردفت: نسمع عن حملات العودة الطوعية ولكنها حبر على ورق، نسمع ولا نرى.
وزادت: نحن لسنا ضد اقامة الامتحانات ولا نريد عرقلة المسيرة التعليمية، ولكن القرار جاء في ظروف معظم الولايات الآمنة هي مراكز إيواء للنازحين، ما يعني الآن مهددون بالإخلاء إلى مصير مجهول، دون توفير بدائل أو حلول مؤقتة لنا.
نداء أخير
من جهتها أطلقت لجنة المعلمين السودانيين ما أسمته بـ«النداء الأخير»، للسلطات السودانية: وقالت أنها ستظل في جانب استمرار العملية التعليمية وما يصاحبها من عمليات، ولكن وفقًا لشروط ومطلوبات نرى ضرورة توفرها، وإلا فالنتيجة ستكون كارثية. بأن التعليم يجب أن يكون خافضا لصوت البنادق مدخلا للسلام والتعايش.
وأكدت لجنة المعلمين أن أكثر من ٦٠ ٪ (على أحسن الفروض) سيحرمون من الجلوس إلى الامتحان، من جملة الطلاب الذين استوفوا شروط الجلوس لهذه الامتحانات قبل الحرب (أكثر ٥٧٠ ألف طالب).
وقالت اللجنة أن الولايات التي لا تشملها هذه الامتحانات هي (٥ ولايات دارفور و٣ ولايات كردفان) الخرطوم عدا كرري والجزيرة عدا القرشي والمناقل، جزء من ولاية نهر النيل وسنار النيل الأبيض والنيل الأزرق.
وجددت اللجنة مطالبها السابقة، بإعلان وقف إطلاق النار أثناء فترة الامتحانات، وفتح المسارات الآمنة لوصول الطلاب والطالبات والمعلمين لمراكز الامتحانات، ضمان وصول أوراق الامتحانات من وإلى مراكز التصحيح الكنترول والتجميع، كما طالبت ضمان جلوس كل الطلاب الذين يرغبون في الجلوس لهذه الامتحانات في مناطق يتم الاتفاق حولها.
وناشدت اللجنة منظمات الأمم المتحدة المهتمة بالتعليم بالعمل على إنقاذ هذه المطالب بالتواصل مع جميع الأطراف.
ودعت قادة القوات المسلحة وضع مصلحة الطلاب السودانيين نصب أعينهم، والبعد عن خطابات التحشيد التي يتبناها عناصر النظام المباد الذين يسيطرون على حكومة الأمر الواقع، خاصة في قطاع التعليم، فهؤلاء يعملون وفقا لمصالح تنظيمهم، ومصالحهم الخاصة.
عمليات توسعة
بعد سيطرة الجيش على سنجة، وتحرير أجزاء واسعة من محلياتها، انطلقت عدد من الرحلات الطوعية للنازحين إلى سنار من ولايات القضارف وكسلا، بعد أن غادروا منازلهم حوالي 4 أشهر بعد أن سيطرت قوات الدعم السريع على عاصمة سنار سنجة.
هذا ما قاله عضو غرفة الطوارئ بكسلا عبد الإله خليفة، ومضى حديثه لـ«سودانس بوست» هناك ترتيبات واستعدادات لامتحانات الشهادة الثانوية بمدارس كسلا، ترحيل نازحي سنار كان جزء منها.
وشملت رحلتين، الواحدة ضمت (10) باصات حوالي (1000) نازح، وما تبقي منهم من النازحين بمختلف الولايات تمت عملية توسعة في معسكر غرب المطار، وتم تحديد نسبة 40% من المدارس تكون دور إيواء و 60% فصول دراسية لإقامة الامتحانات.
وفي السياق نفسه، أصدر والي مدير عام وزارة التربية والتوجيه ماهر حسين محمد علي، أمس الأول، تعطيل الدراسة بجميع المراحل التعليمية الحكومية وغير الحكومية بالولاية استعدادًا لإجراءات امتحانات الشهادة الثانوية، اعتبارًا من السبت 21/12/2024 على أن تستأنف الدراسة يوم السبت 11/1/2024.
مآب الميرغني – صحفية من السودان