كفاح/ محمد آدم بركة
لا يزال البرهان يسعى للخروج من عصبة النظام السابق ولكنه يبين لنا كل يوم أنه يمضي على خطى السابقين، ويهتدي بنهجهم، ويسوق البلاد إلى مزيد من الدمار والهلاك الممنهج، فلقد ظل الرجل منذ خروجه من أرض المعركة بالقيادة العامة لا يحقق الملموس، ويحاول الاستدلال بسعي جاد لوقف الحرب، ولكن لا نتاج ظاهر على الواقع رغم جولاته الكثيرة – المهمة في شكلها وخالية الأثر في جوهرها العام – خارج وداخل البلاد في المناطق الآمنة.
لم تحمل جميع خطاباته السابقة غير (التخدير) غير المؤثر، والهتاف السياسي الفوضوي الذي لا يليق برجل دولة.. فإن (كرب) البرهان رباطة جأشه للخروج ببزته العسكرية وروحه من القيادة العامة، نجده فشل في عكس صرامة العسكرية التي عُرفت بالحسم، لذا سيظل في موضع (المخدر) الدائم كالبنج الذي اعتاد عليه الناس وبات لا يسري على الكل.
تمضي الحرب في يومها الـ(233) دون التوصل لحلول جذرية لوقفها، بينما يسير البرهان على خطى بشيره المخلوع، وهو الذي لا يملك غير عصاة التهديد والوعيد في حقيقة الأمر، فلا يزال رهان كسب المعركة خاسر ولكنه يصر على حسمها بتكرار وعد البارحة الذي قطعه بالأمس مرارًا، يُخدر والمواطن في الخرطوم ودارفور يكتوي بلظى الحرب ويشاهد بأم عينه سيطرة وانتشار الدعم السريع في كل مكان.
وعلى نهج بشيره السابق، يرحب البرهان بالمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة (رمطان لعمامرة) بلهجة التهديد بقوله “في حالة اصطفافك مع فئة سياسية محددة سيكون مصيرك مثل من سبقوك”، أي حكمة تجعل رجل الدولة يبادر بالوعيد وأي فطنة سياسية تستدعي ذلك، فهي مصادفة القدر التي فرضته على سلطة حكم الشعب، وإن نظرنا لمكانته من واقع الحقيقة نجده جنرال فاقد للشرعية بانقلابه على حكومة الانتقال الديمقراطي مرة وانقلابه تارة أخرى على أعضاء المجلس السيادي.
يذكرنا البرهان من خلال تصريحاته الفجة بعهد الإنقاذ وتهديدات رموزهم للغرب والبعثات الدبلوماسية على شاكلة (صرفت ليها بركاوي، و أوكامبو والمحكمة الجنائية تحت جزمتي دي) وغيرها من التصرفات غير اللائقة بأسس الدولة ودبلوماسية القرار.
لم يكتفي البرهان بتهديد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المتحدة مثل تهديده لفولكر من قبله فحسب، بل تطاول على مساعي الحلول الرامية الآن لوقف الحرب من قبل مكونات المجتمع، في إشارة مبطنة لـ(قحت) و (تقدم) وغيرها من الكتل دون أن يسميهم بقوله “جزء كبير من مكونات الشعب السوداني يتسولون الآن في عواصم العالم لإيجاد حلول للأزمة لكن عليهم الجلوس مع السودانيين للوصول إلى حل بالداخل” فمفردة التَسَّول هنا تأتي في غير موضعها وليست لائقة تمامًا، هذا في وقت يتسَّول فيه حليفه حاكم إقليم دارفور الخارج من حياد الحرب مؤخرًا، عيانًا بيانًا في أنقرة بحثًا عن دعومات ومساهمات تركية لدارفور المنكوبة، فإن كان ثمة تسَّول حقيقي يستدعى إشارة البرهان فهي محاولات حليفه مناوي التي جاءت في وقت يتطلب فيه الواقع لحلول جذرية للأزمة أكثر من (الشحدة) باسم الشعب والتباكي في العواصم الخارجية.
في زيارته بالأمس لود مدني لم يخرج الجنرال ببرهان يعكس جدوى زيارته لولاية الجزيرة وما سبقها بيوم في القضارف، بل رسخت لخطاب مكرور ومشمول بالوعيد وبث الاتهامات التي يحاول خلالها تعكير مجريات المساعي الرامية لحل الأزمة، كما أن الواضح في هذه الزيارات مزيدًا من هدر الوقت وتبديد أموال الشعب.
بحسابات عقلانية بسيطة، تُرى كم هي تكلفة الزيارة الداخلية بمجملها من لوازم ومصروفات إدارية وما تكلفة الطائرة العسكرية التي لن تخلع دون وقود من أموال ودم الشعب المنهك من أثر الحرب، الشعب الذي بات مشردًا يبحث عن لقمة عيشه قبل الأمن، وما هي الفائدة التي تعود له بنفع من جولات البرهان الداخلية تحديدًا دون الخارجية التي تستدعي نفقات طائلة من طائرة خاصة ومنصرفات بائنة وغائبة؟.
#فلازم_تقيف
على وعد الخير نلتقي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ