كفاح – محمد آدم بركة
Barakah0089@gmail.com
دعوة للاستثمار الثقافي
في الزاوية السابقة تحدثنا عن راهن ظَّل يؤرق مبدعي السودان تحت عنوان: المبدعُ السودانيُّ.. متلازمةُ الزّهدِ والكبد، ونواصل ما ذهبنا إليه في تناول مقبل.
فَّضَلْنا التطرق لموضوع (الاستثمار الثقافي) لما يحمل الموضوع من أهمية ماثلة آنيا يحتاج لها المشهد الثقافي للانتعاش وتحقيق دور فاعل أكبر، وهذا التطرق ليس ببعيد عن متلازمة زهده الذي اتسم به المبدع السوداني المكابد.
قديما دعونا، ومرارًا، للاستثمار في هذا القطاع من قبل توجه الجهات الرسمية والمستثمرين الوطنيين والمنظمات الإقليمية المانحة والمشتغلة في هذا المجال، ونجدد الدعوة مرة تالية لاستنهاض همم المستثمرين الوطنيين ورجال ونساء المال والأعمال أولا، ولتتسع الرؤى إلى براحات أُخر حتى تثمر بأُكل خدمة الثقافة والإبداع عموما والمبدعين بشكل خاص.
تعاني منذ عقود خلت المؤسسات المشتغلة في قطاع الفنون والفكر والثقافة والإبداع من شح الدعم وإيجاد المال اللازم لتحقيق مشروعات وأعمال، خاصة الإنتاج الإبداعي، وهذا الشح أو نسمه الفقر..
أحبط وحطم الكثير من المشروعات، وحَرَم عددًا من المبدعين في تحقيق غايات ذات أبعاد شخصية ووطنية؛ حيث أُحبط الكثيرين – على سبيل المثال – من عدم تمثيل وطنهم في محافل دولية وإقليمية وعالمية، نتاج ظروف مادية قاهرة، تتمثل في تذاكر الطيران أو نفقات الاستضافة لمحافل لا توفر تلك المزايا رغم أهمية المشاركة وجدوى فائدتها المتعاظمة.
إلى جانب محاولات جمة أحبطتها معينات الإنتاج التي تعتبر لزومية أساس المشاركة.. فغابت أصوات وأسماء وتجارب مهمة عن فضاءات محافل كبيرة ومؤثرة بمسببات القصور أو العجز الشخصي أو المؤسسي.
العجز الشخصي الذي يحرم المبدع عن هكذا مشاركات معلوم ومبرر، إذا لا يملك قوت يومه فمن الطبيعي عجزه عن الانفاق على ما يتصل بإبداعه، ولكن العجز المؤسسي لا مبرر فيه..
إذ حجبت المؤسسة الرسمية المتمثلة في وزارة الثقافة، في سابق العقود، عشرات الفرص ذات طابع المشاركة الرسمية المهمة بعجزها عن التمويل، أو ركنها لملفات الدعوات الموجهة لمؤسسات وأفراد..
ترد تلك الدعوات إلى بريد الثقافة عبر وزارة الخارجية والمؤسسة الثقافية الرسمية هي الجهة الاعتبارية المناط بها تقدير الموقف وإجراء اللازم وتسهيل الأمور.
كل هذه المسوقات والمؤشرات تقودنا إلى استنهاض الهمم بالدعوة للاستثمار في هذا القطاع الحيوي.. وقبل ذلك على المهمومين بالأمر وكياناتهم المهنية أن يتفقوا على (صندوق تنموي) ليكون الأساس لهذا القطاع بتسخير مدخراته لبنود أساسية توضع أولوياتها وفق القوانين واللوائح المنظمة.
وعلى الرأسمالية وأصحاب المال والأعمال رُغم الأزمة الاقتصادية الماثلة، بأن فكروا في دعم هذا القطاع والاستثمار فيه، ليكون ذلك بما يكسب من عائد ويسهم في تطوير الثقافة ودعم التجارب، من خلال مؤسسات منتجة ومربحة، ورفد الصندوق التنموي وفق ضمانات تفضي لفائدة القطاع ومنسوبيه المبدعين كمسؤولية مجتمعية.
وعلى المؤسسات الوطنية الكُبرى أن تولي اهتماما أوسع في جانب مسؤوليتها الاجتماعية بالدعم الواضح والموجه وفق برمجة معلومة ضمن موازناتها السنوية، وألا تدخر جهدا أو مالا في سبيل ذلك.
نشعر عادة بالخجل والخذلان الكبير حينما نعلم بأن أحد الأعلام من هذا القطاع في بلادنا السودان غادر دنيانا لتعثر حصوله على جرعة دواء منقذ لحياته، أو لتعثره وذويه ومن هم حوله في توفير رسوم علاجية زهيدة كانت أو باهظة.
أو شعورنا بالإحباط الكبير لفوات قطار المشاركة الخارجية على مبدع أو كيان بسبب المال أو المعينات الميسرة للمشاركة.. فهو الخزي والعار الذي لا يغفره التاريخ لنا حتما، فهلا صغت آذان للتوجه والاستثمار في هذا القطاع.
على وعد الخير نلتقي