نهر النيل – على نهج الحشد والتسليح الدائر خلال حرب 15 أبريل الماضي، والتي ألقت بظلالها على علو خطاب الكراهية وتمدده إلى فتنة عرقية نتاج ممارسات قوات الدعم السريع وتمددهم في رقاع السيطرة، تعيش المناطق الآمنة حالة من الرعب، بينما تحدق المخاطر بها من كل صوب وحدب.
تشهد ولاية نهر النيل هذه الأيام حملات تجنيد للمستنفرين واسعة، إلى جانب حشد وتعبئة المواطنين بغرض مواجهة هجوم محتمل من قوات الدعم السريع على الولاية، الأمر الذي حذر منه خبراء وقانونيين من إندلاع فتنة عرقية بالولاية.
وقال المحامي والناشط الحقوقي حاتم الياس، “أن التحشيد القائم على الفرز العرقي والمناطقي وصل إلى مدى واسع في ولاية نهر النيل ويتم ذلك تحت إشراف عناصر المؤتمر الوطني المؤثرة التي لجأت للولاية والتي تتبنى سردية مختلفة للحرب باعتبارها حرب بين الغرابة وناس الشمال”.
وذكر الناشط الحقوقي “أن ذلك تزامن مع دعوات تم طرحها داخل الغرف الإعلامية للمؤتمر الوطني وفلول النظام البائد، بأنه لا بد من طرد العمال وطرد التجار وكل العناصر القادمة من دارفور من ولاية نهر النيل باعتبارهم خلايا نائمة محتملة للدعم السريع.
وشدد حاتم الياس على أن ما يحدث في ولاية نهر النيل غير مسبوق، حيث أن الولاية شهدت تعايش نموذجي ما بين القادمين من كل أنحاء السودان وإنسان الولاية، لكن للأسف مع اندلاع الحرب وفشل عناصر المؤتمر الوطني في إيجاد أي شرعية لوجودهم بعد أن فقدوا الدعاوى الخاصة بالشريعة الإسلامية وبتحقيق شرع الله، لجأوا للورقة السيئة المتمثلة في توصيف الحرب الحالية باعتبارها حرب بين الغرب والشمال، أو هجوم من عناصر الغرب على العناصر الموجودة في شمال السودان.
وأوضح الياس أن الحركة الشعبية والمدنية في ولاية نهر النيل تناهض هذه الدعوات، لكن للأسف الحركة المدنية والحركة الديمقراطية والعناصر الحاملة لوعي مختلف وإنساني، هي الآن تحت المطاردة وتحت القمع وتحت الحصار، وأضاف: تلقى عليهم الاتهامات الجاهزة بأنهم قحاتة ومتواطئين مع الدعم السريع، مما يضعها تحت بطش وقمع وترصد يفوق ما كان موجودا في بدايات عهد الإنقاذ.
ووصف ما يحدث حاليا في ولاية نهر النيل في مدن مثل شندي وعطبرة والدامر وبربر وأبوحمد والباوقة ومناطق الرباطاب بأنه أخطر بكثير جدًا مما حدث في بدايات الإنقاذ.
وشدد المحامي والناشط الحقوق أن على أبناء الولاية أن ينتبهوا إلى أن هذه الدعوات العرقية والدعوات العنصرية ستقود لكارثة كبيرة جدًا ليس على الآخرين ولكن على أبناء الولاية نفسهم وعلى تاريخ الولاية والقيم الاجتماعية والإنسانية فيها، وقد بدأ مواطنو الولاية يستشعرون خطر ما يساقون إليه ويصطفوا من جديد لإيقاف هذه الدعوات.
وحذر حاتم من تحول الأوضاع إلى مرحلة كارثية إذا لم يتم تداركها وأن ذلك لا يتعلق فقط بالانتهاكات الروتينية، ولكن ربما تحول الأمر إلى أمر كارثي عبر اغتيالات خارج نطاق القانون وعمليات انتقام وعمليات قتل ممنهج، وناشد مواطن نهر النيل بعد الاستماع لهذه الدعوات وأن لا يستجيب لهذه الأصوات التي تسعى للفتنة وتسعى لجر الولاية لوضع مأساوي والتقليل من قيمة إنسان نهر النيل المعروف بحكمته وتمسكه بقيم التعايش بين كافة أفراد الشعب السوداني.
هذا ورفض أبناء مناطق شندي والمتمة بولاية نهر النيل تسليح المدنيين، وخاصة الأطفال سواء كان في ولاية نهر النيل أو أي مكان والزج بهم في هذه الحرب اللعينة، بحسب بيان بيان صادر تحصلت عليه (سودانس بوست).
وقال البيان “نشعر بالغضب والأسى والحزن جراء الإستهداف الإثني والقبلي في ولاية نهر النيل لمواطنين سودانيين يجمعهم معنا الوطن يعيشون بشكل سلمي إنساني لسنين مضت وجراء تعرضهم للإعتقال أو إغلاق وقطع مصادر أكل عيشهم”.
وطالب البيان الجهات المرتكبة لهذا الفعل البغيض الذي لا يشبه أهل المنطقة المعروفين بإكرام الضيف ونجدة الملهوف بأن يتوقفوا الآن وفوراً عن هذا السلوك وعليهم وحدهم تحمل وزر هذا المسلك ويمتنعوا عن صنع أجواء الكراهية وإحياء النعرات البائدة.
ودعا إلى الإلتزام بتنفيذ الإجراءات القانونية على كل من لديه جرم دون نظر إلى الأصول الإثنية أو القبلية مع تقديم المتهمين للعدالة، وحث السلطات على وقف الاعتقالات التعسفية ضد المدنيين بكافة أطيافهم، مطالباً الجهات المعنية بولاية نهر النيل بشكل فوري وعاجل إطلاق سراح كل الأبرياء الموقوفين جراء هذا الاستهداف الغير مبرر.
يذكر أن السلطات في ولاية نهر النيل قد شنت حملات إعتقالات لمواطنين سودانيين تعود أصولهم إلى غرب السودان بهجة إنتمائهم لقوات الدعم السريع، مما أثار موجه إنتقادات واسعة.
وكان والي نهر النيل، محمد البدوي عبد الماجد، أعلن عن استعداده لتسليح كل القادرين على حمل السلاح من المواطنين، خلال مخاطبته الحشد الجماهيري، يوم السبت الماضي، داعيًا إلى رفع الحس الأمني تجاه أي مظهر يهدد الأمن، وقال إنه سيتقدم بنفسه الصفوف لحماية الولاية.