
جوبا – في خطوة مفصلية طال انتظارها، صادق المجلس التشريعي القومي الإنتقالي في جنوب السودان بالإجماع على اتفاقية الإطار التعاوني لمبادرة حوض النيل، وذلك بعد تأخير دام لأكثر من عقد من الزمان.
ورحب خبراء ومراقبون بهذا القرار الذي يُعد تاريخيًا بالنسبة لجنوب السودان، حيث يمهد الطريق لاستغلال عادل لموارد النيل وتحقيق التنمية المستدامة.
ووصف أوليفر موريس، رئيس لجنة الإعلام بالمجلس التشريضي القومي، المصادقة على الاتفاقية بأنها “هدية ثمينة لشعب جنوب السودان”، مؤكدا على أنها ستفتح الباب أمام مشاريع بنية تحتية عملاقة تعتمد على مياه النيل.
ومن أهم التوقعات التي يحملها هذا القرار، معالجة أزمة الكهرباء المزمنة التي يعاني منها جنوب السودان، حيث أكد موريس أن الاتفاقية تمهد الطريق لتطوير مشاريع طاقة كهرومائية تسهم في القضاء على انقطاعات التيار الكهربائي المتكررة.
وتسعى اتفاقية الإطار التعاوني، التي تأسست عام 1999، إلى تعزيز التعاون الإقليمي بين دول حوض النيل، وضمان الاستخدام العادل والمستدام لمياه النيل الأزرق، الذي يُشكل الفرع الرئيسي لنهر النيل.
هذا وقد قام جاستن مادول، وزير العدل والشؤون الدستورية، بتقديم الاتفاقية لمراجعة اللجان المختصة بالمجلس التشريعي، والتي أكدت على توافق بنودها مع التشريعات والقوانين الوطنية لجنوب السودان.
كما تتيح الاتفاقية لجنوب السودان المطالبة بحقوقه المشروعة في مياه النيل، إلى جانب تعزيز إدارة الموارد المائية بشكل متوازن، ومواجهة التحديات البيئية المرتبطة بالمياه مثل الجفاف والفيضانات وتغير المناخ.
ويرى خبراء أن الاتفاقية ستساهم في تعزيز النمو الاقتصادي لجنوب السودان من خلال استغلال طاقة المياه الهائلة، بالإضافة إلى دعم التكامل الإقليمي في مجال الطاقة.
وفي السياق ذاته، دعا جون أ’قانج (عضو الحركة الشعبية لتحرير السودان في مجلس) إلى ضرورة إنهاء النقاش حول الاتفاقية والمضي قدما بالمصادقة عليها، معتبرا إياها “فرصة ذهبية” لتعزيز مكانة جنوب السودان على المستوى الإقليمي.
ورحبت منظمات المجتمع المدني بقرار المصادقة، حيث اعتبرت منظمة تمكين المجتمع من أجل التقدم (CEPO) أن التأخير الذي رافق الاتفاقية كان “خطأ استراتيجيًا”.
وأكد إدموند يكاني، المدير التنفيذي لمنظمة CEPO، على الدور المحوري الذي ينبغي أن يلعبه جنوب السودان في مجال حوكمة المياه والتنمية المستدامة على مستوى حوض النيل.
كما شددت المنظمة على ضرورة الاسراع في إيداع وثيقة التصديق لدى الاتحاد الأفريقي، والعمل على تفعيل بنود الاتفاقية بشكل فعلي.
وأشارت المنظمة إلى وجود بعض النقاط العالقة التي تتطلب المعالجة، ومنها مسألة الأمن المائي (المادة 14(ب)) وحقوق الدول التاريخية في استخدامات المياه.
وأعلنت المنظمة عن سعيها للمطالبة بتأسيس منتدى للمجتمع المدني يتخذ من جنوب السودان مقرا له، وذلك لتعزيز الشفافية والمشاركة المجتمعية في تنفيذ اتفاقية إطار التعاون بمبادرة حوض النيل.